Featured Video

الأحد، 1 يناير 2012

ترجمة: كيف تفقد المال والوقت




يسم الله الرحمان الرحيم





موعد جديد مع المزيد من ترجماتي لمقالات بول جراهام، يقول بول: ‘حين بعنا شركتنا الناشئة في عام 1998 هبطت علي – وبشكل لم أتوقعه – ثروة كبيرة جدا. عرفت وقتها أن علي التفكير في شيء لم أحسب حسابه من قبل، ألا وهو: كيف لا أخسر هذه الثروة. كنت أعلم أن التحول من غني إلى فقير لهو أمر سهل جدا، ولقد قضيت قبلها الطويل من وقتي باحثا عن طرق التحول من فقير إلى غني، لكني قط لم أعرف شيئا عن كيف يتحول المرء من غني إلى فقير. لكي أتجنب هذا المصير، كان لزاما علي أن أعرف الأسباب التي تجعل هذه النهاية المؤلمة تتحقق.




لذا بدأت في الاهتمام أكثر بكيفية خسارة الأثرياء لثرواتهم، ولو كنت سألتني في صغري كيف يمكن لغني أن يصبح فقيرا، لقلت لك عبر إنفاق ماله كله. هذا ما يبدو عليه الأمر في الكتب والأفلام على أية حال، لأن هذا هو الطريق السهل والمقبول لحدوث أمر مثل هذا. على أن الحقائق تؤكد على أن الثروات تضيع لا من خلال التبذير، بل من خلال الاستثمارات السيئة.
من الصعب أن تخسر ثروة كبيرة دون أن تشعر بذلك أو تدركه، فالشخص العادي (في الحالات العادية) سيشعر بصعوبة في أن يبعثر حفنة من عشرات الآلاف من الدولارات، دون أن يقول في قرارة نفسه: واو، أنا أنفق الكثير من المال. الآن تخيل معي هذه الصورة، لو قرر صاحب هذه الثروة، عوضا عن إنفاقها في صورة المال، أن يستثمرها في أسهم البورصة، والسندات (المحرمة شرعا) والعملات الأجنبية، ومن ثم يخسر الملايين (وأكثر منها كما رأينا في الأزمة المالية الأخيرة) في غمضة عين.
داخل عقول الناس، يتسبب إنفاق المال على الرفاهيات والكماليات في إطلاق ما يمكن أن نسميه صفارات وأجراس الإنذار، على أمل توقفهم عن مثل هذا التبذير. استثمار المال لا يطلق مثل هذه التحذيرات الذاتية داخل عقل الواحد منا. شراء الكماليات يعتبر نوعا من أنواع الترويح عن النفس وتدليلها، وما لم تكن الثروة قد هبطت عليك فجأة من ميراث أو غيره – فأنت تدرك أن تدليل النفس يؤدي للوقوع في مشاكل مالية لاحقة. الاستثمار لن يسبب مثل هذا النفور الداخلي، بل وسيكون مقبولا أكثر لديك، وخفيفا على النفس، لأنه صورة من صور نقل الأموال، من أصل إلى آخر، ولهذا تجد الكثير من المسوقين والبائعين يقولون لك (قيمة استثمار) بدلا من (سعر) أو (ثمن).
التغلب على هذا ‘التسيب الذهني’ يكون عبر تدريب العقل على إقامة نقاط تفتيش جديدة، وهذا الأمر ليس بالسهل، لأن صفارات الإنذار التي تدوي داخلك حين تفرط وتبذر في الإنفاق، هذه الأجراس غريزية وتعمل بشكل طبيعي دون تدخل منك، في حين أن الأجراس التي تريدها أن تنطلق حين تتخطاها، هذه يجب أن تتدرب طويلا عليها لتنطلق حين تجد نفسك على وشك الدخول في استثمار سيء.
منذ أيام اكتشفت أن هذا الأمر ينطبق كذلك على عنصر آخر غير المال، ألا وهو الوقت. أخطر وسيلة لفقدان الوقت هو أن تضيعه في التمتع بالأشياء والانشغال بأعمال ومهام زائفة. عندما تقضي وقتك فيما يمتعك، اعلم أنك تدلل نفسك بالكماليات والرفاهيات. هذه التصرفات يجب أن تطلق داخل عقلك أجراس الإنذار لتخبرك بسوء عاقبة مثل هذه الأفعال. إذا استيقظت يوما وجلست على أريكتي المريحة وقلبت في قنوات التليفزيون طوال يومي، فسأشعر أني فعلت شيئا رهيبا مقيتا. وأنا ينتابني شعور عميق بعدم الراحة حين أجدني شاهدت التليفزيون لمدة ساعتين فقط…
رغم ذلك، مرت علي أيام عديدة قضيتها مطالعا التليفزيون طوال اليوم، وحين أسأل نفسي: ماذا فعلت اليوم من أشياء جيدة ومجزية؟ تأتيني الإجابة بلا شيء، وهذه الإجابة تجعلني أشعر بالتأنيب والذنب وعدم الراحة. ببساطة فإن أجراس وصفارات الإنذار داخل عقلي لم تنطلق حين فعلت ذلك. هذه الأجراس الصامتة لا تنطلق كذلك حين أقضي وقتي في مهام زائفة – تبدو من الخارج على قدر كبير من الأهمية، مثل الرد على البريد الإلكتروني، فهذه المهمة مملة وثقيلة على القلب، ولذا فهي حتما من الأعمال الضرورية، لكنها ليست كذلك، ففائدتها قليلة أو معدومة.
تجنبك للأشياء الرفاهية والأعمال الممتعة لا يعني بالضرورة تنبهك لشيء ضار لك تفعله أو توشك على فعله، فمع تطور التقنيات والتقدم العلمي في عصرنا الحالي، بدأنا نختبر أشياء جديدة تتخطى نقاط التفتيش داخل عقولنا ونسمح لأنفسنا بالانشغال بها، رغم أنها غير ذات فائدة ونفع لنا، وهذه الأشياء غالبا ما تشترك في أنها غير ممتعة ويسهل رؤيتها على أنها أعمال مهمة، لكنها في الحقيقة مضيعة للوقت وللجهد، ويجب أن ننتبه لها ولا نقع في فخها’.
للتوضيح، أذكر أن بول جراهام لا يوفر أي وسيلة من وسائل التواصل معه عبر موقعه، سواء عبر البريد الإلكتروني أو نموذج اتصال.
على الجانب:
  • من واقع إحصائيات الخادم المستضيف، حصدت التدوينة السابقة لقب أكثر تدوينة حققت أعلى عدد مرات مشاهدة لصفحات المدونة. لننظر ماذا ستفعل هذه التدوينة!
  • دخلت في نقاش جانبي مع أخ طيب على تويتر حول الغرض الفعلي من موقع ويكيبيديا. لا أنا اقتنعت بوجهة نظره، ولا هو، وكانت الحصيلة ضياع وقتي ووقته، ولذا قررت – مرة أخرى – عدم الدخول في نقاشات عبر تويتر، فمساحة 140 حرفا لا تكفي، كما أني لم أحرز قط أي نجاح يذكر في إقناع أي مستخدم لتويتر بوجهة نظري، ولذا ليسامحني من يريد مناقشتي في شيء ما عبر تويتر، فموقع تويتر أظنه لم ينطلق لهذا الغرض، ومن الأفضل لنا جميعا أن نحتفظ بآرائنا المختلفة ونستثمر وقتنا فيما يفيدنا.
  • ترك لي معلق غامض ما يفيد أنه استغل ثغرة ما وقرأ كتابي الإصدارة الخاصة من 25 قصة نجاح كله دون شرائه، وأنا أريده أن يثبت لي صحة زعمه هذا ويرسل لي نص الكتاب.
إجعل العالم كله يعرف بهذه التدوينة

من اعداد المدير اشرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ممنــــــوع كتابة كلمات بذيئة ومخلة بالآداب وتسيء للدين الاسلامي ، ورسائل الدعاية والإعلان, والمشاكل (مضايقة, وقاحة, إلخ..)...

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More